قضية اللغة ومدى تأثيرها على الوعي الجمعي وعلى تشكيل الرؤية العالمية قضيّة أثارت انتباه علماء اللغة. ذهبوا إلى أنّ آليات اللغة بإمكانها أن تُشكّل وجهة نظر صاحبها وتحدّد ملامح الهوّية الثقافية لدى أي مجتمع من المجتمعات. للمفردات ومدى تلائم مستوياتها (المستوى المعجمي والسياقي والصرفي والصوتي) دور بارز في النظام اللغوي والإفصاح عن روح أصحاب اللغة. يهدف البحث هذا إلى الحصول على قراءة جديدة لمفردتي "الشكّ" و"الحسب" في القرآن الكريم. هاتان المفردتان تنتميان إلى الحقل المعرفي حيث الدلالة على نوع من مفهوم المعرفة جعلتهما في حقل دلالي واحد؛ رغم هذا الاشتراك الدلالي فلا يمكن إنكار هذه المسألة أنّ لكلّ منهما بصمة في نظام القرآن الكريم ودراستهما في القياس مع بعض قد تبيّن الاختلافات الدلالية والرؤية العالمية التي تنشأ منهما. انطلاقا من كيفية تلائم مستويات المفردات في إيصال رؤية عالمية إلى المخاطب أردنا أن نعالج رؤية القرآن الكريم إلى العالم من منظار كلمتي "الشكّ" و"الحسب" وتلائم مستوياتها بالاعتماد على المنهج الوصفي- التحليلي. فحصلنا على أنّ المستويات الأربعة للمفردتين في التلائم والتعانق مع بعض في إيصال الرؤية العالمية للقرآن الكريم إلى المخاطب. يبدو أنّ العلاقة الدلالية بينهما هي من نوع علاقة التضادّ حيث تتناسب المستويات الأربعة لمفردة الشكّ مع مفاهيم الجهل والجمود الفكري والخمول العقلي والاستبدادية وتتناسب المستويات الأربعة لمفردة الحسب مع مفاهيم العلم والتحوّل الفكري والتجدّد والخصوبة العقلية والفكرية.